ناشر كورونا مفسد في الأرض..!
يتعمد البعض من المصابين بفيروس كورونا المستجد ممارسة الاختلاط بالآخرين والخروج للأماكن العامة "بقصد أو من دون قصد" مما تسبب في كثير من البلدان ومن بينها المملكة بتزايد الحالات وتفشي الوباء في بلدان أخرى، ولا يختلف اثنان على أن ذلك الفعل هو إجرامي مهما كانت مسوغاته أو مبرراته، فهو بلا أدنى شك عمل محرم، ويعد من كبائر الذنوب والآثام، ويستوجب العقوبة الدنيوية.
غير سوي
ويصف فهد بن محمد القحطاني - مدير تنفيذي لجمعية عون لرعاية ضحايا الجريمة ومستشار أسري - أن من يتعمد نشر فيروس كورونا بأنهم أشخاص غير أسوياء، وأن هناك خللاً في شخصياتهم، حيث إن هؤلاء لديهم دوافع مختلفة منها ما قد يوصف بأنه عداء لأهل بلد معين أو جنس معين أو عرق معين أو مذهب معين، وهذا بلا شك أنه عضو فاسد قد انسلخ من إنسانيته وتحول إلى شخص مجرم قد نزع من قلبه وعقله الرأفة والرحمة، حيث إن الأشخاص الذين يصابون بسببه أبرياء ليس لهم ذنب مهما كانت دوافعه ومبرراته، مؤكداً على أن هؤلاء الأشخاص الذين ينشرون هذا الفيروس قد يكونون مرضى نفسيين لديهم الشخصية الانتقامية من الآخرين لأسباب أيضاً مختلفة قد يكون نتيجة تربية غير جيدة في الصغر، أو قد يكون تعرض لمواقف عنف من آخرين جعلته يحقد على الآخرين مهما كانوا، وقد يكونوا من أصحاب الشخصية السيكوباتية الذين يتلذذون بقتل الآخرين وتعذيبهم وقد نزعت من قلوبهم الإنسانية والرحمة، والمهم أن هؤلاء يعتبرون أمام المجتمع وأمام الجهات الأمنية والقضائية مجرمين يستحقون العقاب، وقد رأينا عدداً كبيراً من القضاة أو المشايخ أو الجهات الشرعية تصنف هذه جريمة قتل عمد يستحق فاعلها عقوبة القتل إما تعزيراً أو قصاصاً.
وأضاف: على سبيل المثال "فإن وزارة العدل الأميركية ذكرت أن من يتعمد نشر فيروس كورونا قد يصنف جريمة إرهابية"، مبيناً أن حكومتنا ممثلة في أعلَى سلطة تشريعية وسياسية لم تقصر في الجوانب التوعوية والتثقيفية وبيان حقوق الآخرين من المنطلقات الشرعية والاجتماعية والإنسانية وخطورة نشر هذا الفيروس، فمن تجاوز بعد ذلك فيجب أن يطبق بحقة أقسى أنواع العقوبات؛ لأنه عضو فاسد قد نزعت من قلبه معاني الإنسانية والرحمة وأصبح خطراً يهدد الأبرياء.
جناية وإفساد
وقال أ. د. هشام بن عبد الملك آل الشيخ - أستاذ السياسة الشرعية والقضاء الجزائي بالمعهد العالي للقضاء -: ثبت علمياً أن فيروس كورونا - حمانا الله وإياكم منه - ينتقل بالعدوى دون أن تظهر الأعراض على حامل الفيروس، وهو مرض قاتل فتَّاك، لأجل ذلك كانت الإجراءات الاحترازية والمنع التام من التجول والاختلاط بالآخرين أكبر علاج وقائي لانتشار المرض، فمن ثبتت إصابته بهذا المرض ثم قام بنشر المرض والاختلاط بالآخرين بعد علمه أن المرض معدٍ، وقام بأعمالٍ من شأنها مخالفة أوامر الحظر الصحي، وكان هدفُ الناقل - سواء كان هو المريض أم الطبيب أم المختص - إشاعةَ هذا المرض بين المسلمين؛ فهذه جناية على وجه الإفساد العام، ولا شك أنه آثم، لتعمده إيذاء الآخرين والإضرار بهم، مضيفاً أن ذلك يعتبر من صور الفساد في الأرض، والحرابة التي ذكر الله تعــالى حكمها في قوله: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، مبيناً أن من سعى في الإفساد في الأرض بإشاعة المرض بين المسلمين فإنه يحُكم عليه قضاءً بإحدى هذه العقوبات؛ إما القتل، أو القتل والصَّلب، أو تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف، أو النفي من الأرض والإبعاد، وهذا بحسب المرض الذي سعى في نقله بين الناس، وخطورته وأثره، ولا شك أن فيروس كورونا من الأمراض الخطيرة القاتلة.
عمل إجرامي
وحول جزاء من يتعمد ذلك أوضح أ. د. آل الشيخ أنه يمكن قياس ذلك على تعمد نقل العدوى بمرض نقص المناعة المكتسب الإيدز، فقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن مرض نقص المناعة المكتسب - الإيدز - والأحكام الفقهية المتعلقة به ما يلي: "تعمد نقل العدوى بمرض الإيدز إلى السليم منه بأية صورة من صور التعمد عملٌ محرم، ويعد من كبائر الذنوب والآثام، كما أنه يستوجب العقوبة الدنيوية، وتتفاوت هذه العقوبة بقدر جسامة الفعل وأثره على الأفراد وتأثيره على المجتمع، فإن كان قصد المتعمد إشاعة هذا المرض الخبيث في المجتمع فعمله هذا يعد نوعاً من الحرابة والإفساد في الأرض، ويستوجب إحدى العقوبات المنصوص عليها في آية الحرابة"، فإذا تعمد المصاب بالكورونا المعدي نقله إلى غيره، ومات المجني عليه، فإنه يقاد من المتسبب في ذلك، إذا توفرت شروط القصاص الأخرى، كمن تعمد نقل فيروس مرض الإيدز ونحوه مما هو قاتلٌ في الغالب، فإن لم تصل العدوى إلى القتل به فلا شك أنه تسبب بضرر كبير على الآخرين وهذا عمل إجرامي ويعتبر شروعاً بالقتل، خاصةً مع توفر قصد الجناية والتعمد في نشر الوباء بقصد الإضرار بالآخرين، فالذي أراه هو الحكم عليه بالقتل حداً وتطبيقاً لآية الحرابة، ولكونه من المفسدين في الأرض.
توعية ونصح
وحول مدى تباين الجزاء باختلاف مسوغات ناشر المرض ذكر أ. د. آل الشيخ أن وجود القصد الجنائي هو المؤثر في العقوبة، فمهما اختلفت مسوغات ناشر هذا الوباء مع وجودٍ لقصد الجناية فإن العقوبة لا تختلف، مضيفاً أن من قام بكسر منع الخروج من البيت ومنع التجول في الشوارع والطرقات ومخالطة الآخرين فقام بنشر الوباء دون وجودٍ لقصد الإضرار بالناس فقد يصل الحكم عليه قضاءً بالقتل تعزيراً لتعمده مخالفة الأوامر على وجه يتسبب فيه بالضرر بالآخرين، مؤكداً على أن الشريعة الإسلامية جاءت بدفع الضرر فلا ضرر ولا ضرار، وهو عملٌ محرم لا شك، ويعد من كبائر الذنوب والآثام، كما أنه يستوجب العقوبة الدنيوية، وتتفاوت هذه العقوبة بقدر جسامة الفعل وأثره على الأفراد وتأثيره على المجتمع، مشيراً إلى أنه في الأثر المشهور عن عثمان - رضي الله عنه - وهو مروي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أيضاً: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، فالعقوبات التي رتبها ولي الأمر - حفظه الله - على مخالفي الإجراءات الاحترازية - في نظري - كافية في ردع هؤلاء، مع التوعية الإعلامية ونشر النصائح عبر وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً لها تأثيرها البالغ إن شاء الله.
source >http://www.alriyadh.com/1817631
التعليقات على الموضوع